يؤدي مقتل ثلاثة جنود أمريكيين إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب بالوكالة مع إيران كان الرئيس جو بايدن يأمل في تجنبها وما زال يأمل في إمكانية احتوائها.
بعد سنوات من محاولة تخفيف التوترات مع إيران من خلال الحوار، ثم أشهر من السعي لمنع تصعيد الحرب بين إسرائيل وحماس، تجاوزت غارة الطائرات بدون طيار التي شنها مسلحون مدعومون من إيران على القوات الأمريكية في الأردن خطًا أحمر غير معلن لإدارة بايدن.
وقد قامت الولايات المتحدة بالفعل بضرب مجموعة أخرى مدعومة من إيران، وهي المتمردين الحوثيين في اليمن. وتأتي هذه الضربات بعد فشل التحذيرات في ثني الحوثيين عن شن هجمات على السفن في البحر الأحمر، والتي يقول المتمردون إنها أعمال تضامن مع الفلسطينيين في غزة الذين يتعرضون للقصف من قبل إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة.
ووعد البيت الأبيض برد “مؤثر للغاية” على الهجوم الأردني، الذي يأتي في بداية عام انتخابي يشن فيه منافسو بايدن الجمهوريون هجوما ويحثون على شن هجمات مباشرة على إيران.
لكن إدارة بايدن أعلنت بالفعل أنها لا تريد الحرب مع إيران، حيث سعى المسؤولون إلى النأي بأنفسهم عن الهجوم.
وقال أليكس فاتانكا، المدير المؤسس لبرنامج إيران في معهد الشرق الأوسط: “إنها لحظة مفترق طرق”.
وقال إن هدف إيران منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حماس على إسرائيل هو “تجنب الحرب مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن استغلال هذه الفرصة للضغط على كليهما كجزء من خطة لعب طويلة المدى”.
وتعرف الدولة الدينية أن الولايات المتحدة، مثل إيران، ليست مهتمة بالتصعيد الإقليمي.
لكن المسؤولين الإيرانيين يدركون أيضاً أنه مع اقتراب موعد الانتخابات، “يتعرض الرئيس بايدن بالفعل لانتقادات شديدة بسبب ضعفه في مواجهة الخصوم الأجانب، وأنه يتعين عليه على المستوى السياسي أن يفعل شيئاً ما”.
– كيف نغير حسابات إيران؟ –
وتوقع فاتانكا مزيدا من الضربات الأمريكية على ما يسمى “محور المقاومة” الإيراني، مع إرسال رسائل إلى إيران لتوضيح أنها لا تستطيع تحمل تصعيد أكبر.
وقال توماس واريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي، إن الولايات المتحدة ليس لديها خيارات جيدة.
ولن تردع إيران الهجمات على وكلائها، كما أن الهجوم الشامل في العراق يمكن أن يمنح طهران نصراً استراتيجياً من خلال تعزيز الدعوات المطالبة بمغادرة القوات الأمريكية.
وأضاف: “النظام الإيراني لا يؤمن بالردع كما يفعل صناع القرار والاستراتيجيون الأمريكيون”.
ويمكن أن تشمل الخيارات الأخرى استهداف موقع عسكري كبير بشكل مباشر داخل إيران أو القضاء على مواقع الحرس الثوري في سوريا، حيث تقوم إسرائيل أيضًا بضرب قدرات طهران.
وقال: “لا يعتبر أي من هذين الخيارين جيدًا، وكلاهما يخاطران بإبقاء الولايات المتحدة متورطة في صراع إقليمي كانت إدارة بايدن تأمل في تجنبه”.
– الآمال تضاءلت في الدبلوماسية –
وفي عام 2020، بعد تصعيد آخر مع الجماعات المدعومة من إيران في بداية عام انتخابي، أمر الرئيس دونالد ترامب بشن غارة على مطار بغداد أسفرت عن مقتل الجنرال قاسم سليماني، القائد الشهير لوحدة النخبة في الحرس الثوري.
لكن قبل أشهر، ألغى ترامب فجأة خططه لضرب إيران نفسها، خوفا من تصعيد الصراع بسبب إسقاط طهران طائرة أمريكية بدون طيار.
تولت إدارة بايدن السلطة سعيًا إلى الدبلوماسية مع إيران، والتفاوض من خلال الاتحاد الأوروبي بشأن استعادة الاتفاق النووي لعام 2015 الذي ألغاه ترامب.
انهارت المحادثات جزئيًا بسبب مطالبة إيران بتخفيف العقوبات بشكل أكبر، وأصبح الاتفاق سامًا سياسيًا بعد أن قام النظام الديني بقمع الاحتجاجات التي قادتها النساء والتي اندلعت في سبتمبر 2022.
لكن المسؤولين الأميركيين تحدثوا منذ ذلك الحين بهدوء مع إيران بشأن التوترات الإقليمية، وحتى 7 تشرين الأول/أكتوبر، كانت إدارة بايدن تتباهى بأنها أوقفت الهجمات على القوات الأميركية.
الآن، بينما لا يتحدث المسؤولون الأمريكيون بلغة تغيير النظام، قال فاتانكا إنهم خلصوا إلى أن “الجزء الأساسي من الحل لتهدئة مستدامة واسعة النطاق في الشرق الأوسط يتطلب نظامًا سياسيًا مختلفًا تمامًا في طهران”. “
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن الوفيات الأمريكية تمثل “خطوة كبيرة في سلم التصعيد من قبل الجماعات المدعومة من إيران” وأن نفي طهران للمسؤولية ليس له وزن يذكر.
لكنه قال إن دبلوماسية العام الماضي جلبت الهدوء، في حين أن الضربات الأمريكية في العراق وسوريا واليمن جعلت المقاتلين المدعومين من إيران أكثر جرأة.
وأضاف: “على الرغم من عدم وجود مساحة سياسية في واشنطن للتعامل مع إيران في عام الانتخابات، فإن الدبلوماسية هي النهج الوحيد الذي نجح في كبح جماح إيران”.
