هزت معارك وقصف دامية قطاع غزة يوم الثلاثاء، في الوقت الذي دفع فيه وسطاء دوليون من أجل التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الرهائن في الحرب بين إسرائيل وحماس.
قالت وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الغارات الإسرائيلية العنيفة والقتال في المناطق الحضرية في أنحاء قطاع غزة المحاصر أسفرت عن مقتل 128 شخصا آخرين خلال الليل.
وكان مركز القتال هو مدينة خان يونس الجنوبية – مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، المهندس المزعوم لهجوم 7 أكتوبر – حيث تحولت مساحات شاسعة إلى أرض قاحلة موحلة من المباني المدمرة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات التي تقاتل في مباني المدينة والأنفاق داهمت عدة مواقع عسكرية ومكتب السنوار و”منشأة كبيرة لتصنيع الصواريخ”.
وقال المتحدث باسم الجيش دانييل هاغاري إن القوات في المدينة “قضت على أكثر من 2000 إرهابي فوق وتحت الأرض”.
وفي الوقت نفسه قتلت قوات سرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ثلاثة أعضاء مزعومين في “خلية إرهابية” تابعة لحماس في غارة على أحد المستشفيات.
أطلق العملاء – بعضهم يرتدي زي الطاقم الطبي ويحملون كرسيًا متحركًا وحاملة أطفال كدعائم – النار على ثلاثة رجال في مستشفى ابن سينا في مدينة جنين الشمالية، وفقًا لمسؤولين ولقطات كاميرات المراقبة بالمستشفى التي نشرتها الوزارة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا أن الثلاثة هم محمد جلامنة، ومحمد أيمن غزاوي، وباسل أيمن غزاوي.
واتهم الجيش الإسرائيلي جلامنة، الذي زُعم أنه “استلهم” هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، “بالتخطيط لتنفيذ هجوم إرهابي في المستقبل القريب واستخدم المستشفى كمخبأ وبالتالي تم تحييده”.
وشددت وزارة الصحة الفلسطينية على أن المستشفيات تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الدولي، وحثت الأمم المتحدة على المساعدة في إنهاء “سلسلة الجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل… ضد شعبنا ومراكزنا الصحية”.
– ‘حاجة ماسة’ –
وتسببت الحرب في غزة، التي دخلت الآن شهرها الرابع، في تدمير جزء كبير من القطاع المحاصر وأثارت أزمة إنسانية متصاعدة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، والذين يواجه الكثير منهم تهديدات الجوع والمرض.
واتهمت إسرائيل نحو عشرة من موظفي وكالة الأمم المتحدة الرئيسية لمساعدة الفلسطينيين بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، مما دفع الدول المانحة الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا، إلى تعليق التمويل.
وقال مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي دعا إلى استمرار الدعم لتلبية “الاحتياجات الماسة”، سيجري محادثات مع المانحين في نيويورك يوم الثلاثاء، مع استمرار التحقيقات في مزاعم إسرائيل.
وحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأونروا على معالجة هذه المزاعم، لكنه أشاد أيضا “بدورها الذي لا غنى عنه على الإطلاق في محاولة التأكد من أن الرجال والنساء والأطفال الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة في غزة يحصلون عليها بالفعل”.
– محادثات هدنة –
وفي أحدث الجهود للتوسط في هدنة جديدة التقى رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والمصريين والقطريين في باريس يوم الأحد.
ووصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحادثات بأنها “بناءة” لكنه أشار إلى “فجوات كبيرة سيواصل الطرفان مناقشتها”.
وأعرب بلينكن عن أمله في التوصل إلى اتفاق، قائلا للصحفيين إنه “تم إنجاز عمل مهم ومثمر للغاية. وهناك بعض الأمل الحقيقي في المضي قدما”.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي ساعدت حكومته في التوسط في هدنة سابقة في نوفمبر والذي حضر المحادثات، إنه تم إحراز “تقدم جيد”.
وقال الشيخ محمد إن الخطة تتضمن هدنة مرحلية يتم بموجبها إطلاق سراح النساء والأطفال الرهائن أولا، مع دخول المساعدات أيضا إلى غزة، وإن التوصل إلى اتفاق مبدئي قد يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأكدت حماس يوم الثلاثاء أنها تلقت الاقتراح، قائلة على حسابها على تطبيق تلغرام إنها “في طور دراسته وتقديم ردها”.
– توترات إقليمية –
وكانت الحرب الاكثر دموية على الاطلاق في غزة اندلعت بسبب الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في 7 تشرين الاول/اكتوبر واسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا في اسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى ارقام رسمية.
واحتجز المسلحون أيضا 250 رهينة تقول إسرائيل إن نحو 132 منهم ما زالوا في غزة، بما في ذلك جثث 28 قتيلا على الأقل من الأسرى.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل إلى مقتل ما لا يقل عن 26751 شخصا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.
وتزايدت المخاوف من أن إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة قد تواجهان صراعا آخذا في الاتساع في الشرق الأوسط بعد أشهر من أعمال العنف التي شاركت فيها جماعات مدعومة من إيران في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
وتزايدت هذه المخاوف بعد أن تعهدت واشنطن بالرد على هجوم بطائرة بدون طيار يوم الأحد أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في موقع نائي في الأردن بالقرب من الحدود السورية والعراقية.
ونفت طهران أي تورط لها في الهجوم.
وقالت واشنطن إن الهجوم على الأردن “يتطلب ردا”، لكن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أكد أيضا “أننا لا نسعى لحرب مع إيران”.
وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية تبادلا يوميا تقريبا لإطلاق النار مع مقاتلي حزب الله المدعوم من إيران، مما يزيد المخاوف من نشوب صراع أوسع هناك.
وقالت إسرائيل إنها مستعدة لأي هجمات لكنها لا تسعى إلى حرب أوسع نطاقا في الشمال.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت مساء الاثنين إن بعض الوحدات في غزة “تتحرك نحو الشمال وتستعد لما سيأتي”.
بور-JD/FZ
