تزدهر أغاني الحب للمغنية المصرية أم كلثوم عبر مسرح تل أبيب حيث يبحث العرب واليهود عن العزاء من الحرب القاتلة بين حماس وإسرائيل التي تدور رحاها على بعد أميال فقط.
وقال مخرج المسرحية إيغال عزراتي: “على خشبة المسرح، يقوم ثلاثة يهود وثلاثة عرب بإلقاء كلماتهم باللغة العبرية ويغنون باللغة العربية”.
“يهدف من ذلك إلى إظهار أن اللغة العربية ليست مجرد لغة حماس” التي شن مقاتلوها هجوما مدمرا على جنوب إسرائيل في أكتوبر مما أدى إلى قصف إسرائيلي واسع النطاق لقطاع غزة.
وقال إن اللغة العربية “لغة جميلة… وهي بالنسبة للعديد من الإسرائيليين لغة طفولتهم، وهي اللغة التي تحدث بها آباؤهم ذات يوم”.
إنها اللغة الأم لكل من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل واليهود الذين عاشوا في الدول العربية.
وتتناول مسرحية “أم كلثوم” حياة المطربة المصرية الملقبة بـ”السيدة” و”نجمة الشرق” التي أسرت الجماهير في الوطن العربي وخارجه خلال مسيرة فنية امتدت 60 عاما وحتى بعد وفاتها عام 1975.
مرتين في الشهر على مسرح يافا الساحلي، تلعب الممثلة الإسرائيلية غاليت غيات دور أم كلثوم وتغني أغانيها التي تتضمن قصائد، بينما يرافقها الموسيقار العربي علاء أبو عمارة على العود.
ولكن بعد أن عبر مقاتلو حماس الحدود الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ونفذوا الهجوم الأكثر دموية منذ إنشاء البلاد في عام 1948، مما أدى إلى أعنف قصف إسرائيلي على الإطلاق لغزة، تم تعليق المسرحية.
وتقول إسرائيل إن نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا في هجمات حماس.
وفي قطاع غزة الذي تديره حماس، حيث تحولت مناطق بأكملها إلى أنقاض، تقول وزارة الصحة إن الحرب أسفرت عن مقتل أكثر من 18700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
لمدة 90 دقيقة تقريبًا، لم تكن الحرب في أذهان جمهور مسرح يافا، حيث أطلق اليهود، بمن فيهم الرجال الذين يرتدون القلنسوة، والعرب، العنان للاستمتاع بالعرض.
وقال جيات، الذي جاء أسلافه إلى إسرائيل من الجزائر واليمن، إن هذه المسرحية بالنسبة للفنانين على المسرح والجمهور على حد سواء، مثل “التنفس”.
وقالت الممثلة التي تتذكر زيارة أجدادها عندما كانت طفلة وكانت الأغاني المصرية الكلاسيكية تملأ منزلهم: “أم كلثوم… الوطن”.
وقالت: “كنت أقول لنفسي لماذا لا تتحدث اللغة”.
– “عشوا، أحبوا، اكرهوا معًا” –
وبعد سنوات فعلت ذلك وانغمست في الدور الذي وصفته بأنه “هدية الحياة الجميلة”.
وقالت: “نحن نلعب معًا، مسيحيين ومسلمين ويهود. نعيش معًا. نحب معًا ونكره معًا”.
ويبدو أن شايع، وهي عضوة في الجمهور ذكرت اسمها الأول فقط، توافق على ذلك.
وقالت بعد أن اشترت تذكرتها قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر “نحن جيران وآمل أن يعود السلام وألا نضطر إلى القتال مرة أخرى”.
وقالت شايع إنها أرادت الحضور إلى العرض “للشعور بالصلة بين الشعبين” – العرب واليهود.
ولم يرغب أي من الممثلين العرب الإسرائيليين الثلاثة، وهم أعضاء في مجتمع بقي أجداده الفلسطينيون على أراضيهم بعد قيام إسرائيل عام 1948، في التحدث إلى وكالة فرانس برس.
وقال عزراتي “الأمر صعب بالنسبة للفلسطينيين. لقد ولدوا جميعا هنا وبمجرد أن يحاولون التحدث يعتقدون أنهم ارتكبوا خطأ ما”.
وأضاف أنهم في بعض الأحيان “يخافون من التحدث باللغة العربية”.
وبحسب عزراتي، نشر البعض تعليقات على الإنترنت “حول الضحايا، وحول الحرب… وتم اعتقالهم” من قبل القوات الإسرائيلية.
على خشبة المسرح، تظهر أم كلثوم في منزلها الخاص، وهي ترتدي نظارتها السوداء المميزة، وتحيط بها والدتها، وكاتبة الأغاني، ومنافستها، والراقصة الشرقية.
ولدت المغنية في ظل الفقر، لكنها أصبحت قريبة من القادة السياسيين المؤثرين بفضل صوتها القوي الذي أذهل جمهورها، على المستوى الإقليمي وفي الغرب.
وقال بوب ديلان إنه أعجب بها بينما رقصت بيونسيه ذات مرة على كلمات إحدى أعظم أغاني المغنية “إنت عمري” (“أنت حياتي” باللغة العربية).
ومع انتهاء المسرحية، يتم بث صور على شاشة جنازة أم كلثوم في القاهرة والتي حضرها الملايين من المشجعين المكلومين.
