اندلع القتال يوم السبت في جميع أنحاء قطاع غزة، حيث أصبح النازحون الفلسطينيون “منهكين” ولا تلوح في الأفق نهاية للحرب بين حركة حماس التي تسيطر على القطاع المحاصر وإسرائيل، والتي دخلت الآن أسبوعها الثالث عشر.
وتصاعد الدخان فوق مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، التي كانت محور القتال الأخير في الحرب الطاحنة، التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر بسبب هجمات حماس على إسرائيل.
وإلى الجنوب، كانت مدينة رفح الحدودية القريبة من مصر تعج بسكان غزة الذين يبحثون عن الأمان من القصف الإسرائيلي المستمر في حربها ضد المسلحين الفلسطينيين.
وقالت أم لؤي أبو خاطر (49 عاما) التي فرت من منزلها في خان يونس ولجأت إلى رفح: “كفى لهذه الحرب! لقد استنفدنا تماما”.
وقالت: “نحن ننزوح باستمرار من مكان إلى آخر في الطقس البارد”. “القنابل تتساقط علينا ليلاً ونهاراً”
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس عن قصف مدفعي متواصل خلال الليل في رفح وخانيونس.
وواصل الجيش الإسرائيلي حملته في مواجهة الرد الدولي المتزايد، وأفاد عن “معارك ضارية” وغارات جوية في أنحاء الأراضي الفلسطينية الضيقة.
وقال بيان عسكري يوم السبت إنه في بيت لاهيا بشمال غزة “قامت القوات بتفكيك مجمعين عسكريين تابعين لحماس” كما قتل العشرات من “الإرهابيين” في مدينة غزة.
جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة دعوته إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من التهديد المتزايد لانتشار الأمراض المعدية بين سكان غزة.
وبدأ القتال بهجمات دموية نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفرت عن مقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
واحتجز المسلحون أيضا نحو 250 رهينة وتقول إسرائيل إن 129 منهم ما زالوا في غزة.
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن الحملة العسكرية الإسرائيلية منذ ذلك الحين أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 21507 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 168 جنديا قتلوا في القتال داخل القطاع.
ومع اقتراب عام 2023 من نهايته، قال أحمد الباز، وهو فلسطيني نازح من مدينة غزة يبلغ من العمر 33 عاما، إن هذا العام كان “الأسوأ في حياتي”.
وقال في رفح محاطا بالخيام في مخيم مؤقت “لقد كان عاما من الدمار والخراب”.
“نريد فقط أن تنتهي الحرب، ونبدأ العام الجديد في الداخل، مع إعلان وقف إطلاق النار”.
– جهود الوساطة –
ويواصل الوسطاء الدوليون – الذين توسطوا الشهر الماضي للتوصل إلى هدنة لمدة أسبوع والتي شهدت إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة ودخول بعض المساعدات إلى غزة – جهودهم لضمان وقف جديد للقتال.
وأفاد موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي وموقع “واينت” الإسرائيلي، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين لم يذكر اسمائهم، أن وسطاء قطريين أبلغوا إسرائيل أن حماس مستعدة لاستئناف المحادثات بشأن إطلاق سراح رهائن جدد مقابل وقف إطلاق النار.
وتقول مصادر قريبة من حماس إن وفداً من حماس كان في القاهرة يوم الجمعة لمناقشة خطة مصرية تقترح وقف إطلاق النار متجددًا، والإفراج التدريجي عن الرهائن للسجناء الفلسطينيين، وإنهاء الحرب في نهاية المطاف.
ولم تعلق إسرائيل رسميا بعد على خطة القاهرة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال لعائلات الرهائن يوم الخميس “إننا على اتصال” مع الوسطاء المصريين.
وقال نتنياهو لعائلات الأسرى “إننا نعمل على إعادتهم جميعا”.
وقالت ميا شيم، الرهينة الإسرائيلية الفرنسية التي اختطفت من موقع حفلة صحراوية وأطلق سراحها بموجب اتفاق الهدنة في نوفمبر، لوسائل الإعلام الإسرائيلية إن “أكبر مخاوفها” في الأسر هو الاغتصاب.
وقال شيم في مقابلة مع القناة 13 الإسرائيلية بثت يوم الجمعة “كان هناك خوف من الاغتصاب والخوف من الموت”.
وقالت الفتاة البالغة من العمر 21 عاماً إنها أثناء أسرها ظلت محتجزة “في غرفة مظلمة” و”ممنوعة” من التحدث.
وقالت إنها أصيبت بطلق ناري أثناء اختطافها، وقالت إنها “ليس لديها مسكنات للألم”.
وقال مسؤولون إسرائيليون وجماعات حقوقية مرارا وتكرارا إن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول شملت العنف الجنسي، لكن كان من الصعب تقييم حجمها. وتنفي حماس اتهامات الاغتصاب.
– بيع ذخائر “طارئة” –
أدى الحصار الإسرائيلي المفروض بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، بعد سنوات من الحصار الخانق، إلى نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والأدوية في غزة، حيث لا تقدم قوافل المساعدات سوى مواد إغاثة متفرقة.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة فروا من منازلهم، ويعاني العديد منهم الآن من الجوع ويواجهون أمطار الشتاء في الخيام.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس يوم الجمعة على وسائل التواصل الاجتماعي إنه “مع استمرار نزوح الناس بأعداد كبيرة عبر جنوب غزة… ما زلت قلقا للغاية بشأن التهديد المتزايد للأمراض المعدية”.
وقالت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة إن ما يقرب من 180 ألف شخص يعانون من التهابات الجهاز التنفسي العلوي، في حين تم تسجيل 136400 حالة إسهال – نصفها بين الأطفال دون سن الخامسة.
قدمت جنوب أفريقيا اليوم الجمعة طلبا إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل بسبب ما قالت إنها “أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”.
ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات، وشجب المتحدث باسم وزارة الخارجية ليئور حيات “فترية الدم التي تنشرها جنوب أفريقيا”.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، الموافقة على بيع ذخائر مدفعية شديدة الانفجار عيار 155 ملم ومعدات ذات صلة لإسرائيل بقيمة 147.5 مليون دولار من مخزونات الجيش الأمريكي.
وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية في بيان إن “هناك حالة طوارئ تتطلب البيع الفوري” للأسلحة، مما يتنازل عن المطلب الطبيعي لمراجعة الكونجرس.
وأدت الحرب في غزة إلى تفاقم التوترات في جميع أنحاء المنطقة.
وتبادلت إسرائيل إطلاق النار بانتظام عبر الحدود مع جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، وقال الجيش في وقت مبكر من يوم السبت إنه شن غارات في سوريا بعد إطلاق صواريخ.
