واشنطن
دفعت الاتهامات بأن السيناتور بوب مينينديز بقبول رشاوى مقابل ممارسة نفوذه لمساعدة الحكومة المصرية، إلى دعوات في الكونجرس الأمريكي يوم الثلاثاء لإدارة بايدن لإعادة النظر في مساعدات عسكرية بقيمة 235 مليون دولار للقاهرة.
ويمكن أن تلقي القضية أيضًا بظلالها الطويلة على العلاقات المصرية التركية بسبب الشكوك حول دور محتمل للقاهرة في تشجيع مينينديز على منع مبيعات طائرات F-16 لتركيا.
وقال السناتور الديمقراطي كريس ميرفي، الذي يرأس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنه يأمل أن تحقق اللجنة في هذه المزاعم وفي تورط مصر.
وأعلن المدعون الأمريكيون لائحة اتهام يوم الجمعة تتهم مينينديز بقبول سبائك ذهب ومئات الآلاف من الدولارات نقدا مقابل ممارسة نفوذه لمساعدة الحكومة المصرية.
وقال ميرفي للصحفيين: “آمل أن تدرس لجنتنا استخدام أي قدرة لديها لوقف تلك الدولارات، في انتظار التحقيق في ما تفعله مصر”.
وقال: “لم أتحدث مع زملائي حول هذا الأمر بعد، ولكن من الواضح أن هذا يثير تساؤلات جدية حول مصر، وسلوك مصر”.
وتقول لائحة الاتهام ضد مينينديز أيضًا إنه كان على علاقات وثيقة مع أعضاء في أجهزة المخابرات المصرية وعقد اجتماعات لمناقشة المساعدات العسكرية الأمريكية.
ونفى مينينديز مرارا ارتكاب أي مخالفات. وقد استقال مؤقتا من منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. وتتطلب القواعد الديمقراطية في مجلس الشيوخ من العضو المتهم بارتكاب جناية التخلي عن أي منصب قيادي.
وقررت إدارة الرئيس جو بايدن هذا الشهر السماح بمواصلة تقديم جزء كبير من المساعدات العسكرية الخارجية الأمريكية لمصر، قائلة إن البلاد حيوية لمصالح الأمن القومي على الرغم مما قاله المنتقدون عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وكان مورفي من بين المشرعين الذين انتقدوا القرار.
وقال دون باير، عضو مجلس النواب الديمقراطي والمؤسس المشارك لتجمع حقوق الإنسان في مصر بالكونجرس، إن مصر “تقوم بعملية تجسس داخل مجلس الشيوخ الأمريكي” ويجب على واشنطن الرد.
وقال باير لشبكة سي إن إن: “أعتقد أن هذا يتطلب رد فعل أقوى بكثير من إدارة بايدن، والرد المباشر هو حجب (الأموال العسكرية)”.
دعا أكثر من نصف أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الأمريكيين، بمن فيهم السيناتور كوري بوكر، يوم الثلاثاء السيناتور بوب مينينديز إلى الاستقالة بعد أن اتهمه المدعون الفيدراليون هو وزوجته بتلقي رشاوى من ثلاثة رجال أعمال من نيوجيرسي.
يمثل كل من بوكر ومينينديز ولاية نيوجيرسي الشمالية الشرقية. وقال مينينديز، وهو ديمقراطي، يوم الاثنين إنه سيبقى في مجلس الشيوخ ويقاوم الاتهامات.
والتزم زملاء منينديز الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الصمت إلى حد كبير عندما تم الكشف عن الاتهامات الجنائية يوم الجمعة. لكن في الأيام التي تلت ذلك، قال 26 من أعضاء مجلس الشيوخ في تجمعه الحزبي إنه يجب عليه التنحي.
ويسيطر الديمقراطيون بفارق ضئيل على المجلس بـ 51 مقعدا، بما في ذلك ثلاثة مستقلين يصوتون معهم عادة، مقابل 49 للجمهوريين.
وقال بوكر في بيان: “أعتقد أن التنحي هو الأفضل لأولئك الذين قضى السيناتور مينينديز حياته في خدمتهم”.
“رغم أن السيناتور مينينديز يستحق أن يحظى بعملية قانونية عادلة، نظراً للطبيعة الخطيرة لهذه الاتهامات وكيف قوضت ثقة الجمهور، فإنه لم يعد قادراً على العمل بفعالية في مجلس الشيوخ الأمريكي. وقال السيناتور غاري بيترز، رئيس ذراع حملة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، في بيان: “أحث السيناتور مينينديز على الاستقالة”.
وفي غضون ذلك، أثارت القضية تكهنات حول دور مصري محتمل في منع بيع طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-16 إلى تركيا.
وبينما امتنع المسؤولون المصريون عن الإدلاء بأي تعليق على مثل هذه التكهنات، قال خبراء في القاهرة لصحيفة “العرب ويكلي” إنه من غير المرجح أن تكون بلادهم قد لعبت أي دور في منع عملية البيع، التي كانت مرتبطة في نظرهم فقط باعتبارات تركية أمريكية.
ويشيرون إلى أن القاهرة منخرطة حاليا في تطبيع العلاقات مع أنقرة.
وفسر بعض المحللين التصريحات التي أدلى بها الرئيس رجب طيب أردوغان بعد تفجر فضيحة مينينديز على أنها تلميحات ضمنية إلى نوع من التدخل المصري ضد مصالح بلاده.
وقال أردوغان يوم الثلاثاء إن تركيا بحاجة إلى الاستفادة من المشاكل التي يواجهها السيناتور الأمريكي بوب مينينديز، الذي عارض منذ فترة طويلة البيع المحتمل لطائرات إف-16 لتركيا وانتقد سجل أردوغان في مجال حقوق الإنسان.
ونُقل عن أردوغان قوله للصحفيين على متن الطائرة: “إن خروج مينينديز من الصورة يعد ميزة”.
وقال أردوغان: “هناك فائدة في تحويل هذا الوضع إلى فرصة”. “ليس فقط فيما يتعلق بطائرات إف-16، ولكن فيما يتعلق بجميع القضايا الأخرى، يقوم مينينديز وأولئك الذين لديهم عقليات مماثلة بتنفيذ إجراءات معرقلة ضدنا”.
وقال أردوغان إن البيت الأبيض يجب أن يفي بوعده بشأن طائرات إف-16.
وأضاف “نتوقع ردا واضحا من الولايات المتحدة بشأن هذا الأمر الآن. ونأمل أن نحصل على النتيجة الإيجابية دون مزيد من التأخير”.
وطلبت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في أكتوبر 2021 شراء 40 مقاتلة من طراز إف-16 من شركة لوكهيد مارتن و79 مجموعة تحديث لطائراتها الحربية الحالية. وتدعم إدارة الرئيس جو بايدن عملية البيع البالغة قيمتها 20 مليار دولار.
وإذا لم يستقيل مينينديز، فسيقوم مورفي بتعيين خليفة مؤقت، ومن غير المرجح أن يغير ذلك ميزان القوى في المجلس.
وسيكون مقعد مينينديز في مجلس الشيوخ من بين المقاعد التي سيتم تحديدها في انتخابات العام المقبل. ومع ذلك، فإن مشاكله القانونية قد تؤدي إلى تعقيد جهود حزبه للحفاظ على سيطرته على مجلس الشيوخ، على الرغم من أن نيوجيرسي لم تنتخب جمهوريًا لهذا المقعد منذ عام 1972.
وفي حالة إدانته، فقد يواجه هو وزوجته نادين مينينديز البالغة من العمر 56 عامًا عقوبة السجن لمدة تصل إلى 45 عامًا، على الرغم من أن القضاة في هذا النوع من القضايا عادة ما يفرضون عقوبة أقل من الحد الأقصى للعقوبة. ودفع وائل حنا، أحد رجال الأعمال المتهمين برشوة مينينديز، بأنه غير مذنب أمام المحكمة الفيدرالية في مانهاتن يوم الثلاثاء.
ويمثل هذا التحقيق المرة الثالثة التي يخضع فيها مينينديز للتحقيق من قبل المدعين الفيدراليين. ولم تتم إدانته قط.
