قال مسؤولون صحيون في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم السبت إن الغارات الإسرائيلية التي وقعت خلال الليل أسفرت عن مقتل 60 شخصا على الأقل في القطاع المحاصر الذي يعاني أيضا من انقطاع الاتصالات في اليوم التاسع والتسعين من الحرب.
وتزايدت المخاوف من اتساع نطاق الصراع بعد أن قصفت القوات الأمريكية والبريطانية المتمردين الحوثيين الموالين لحماس في اليمن في أعقاب هجمات على السفن في البحر الأحمر، وأعلن الجيش الأمريكي عن ضربة جوية جديدة يوم السبت.
وأفاد شهود عيان في قطاع غزة بقصف إسرائيلي فجر اليوم. وذكر مراسل وكالة فرانس برس أن قصفا مكثفا وغارات جوية ضربت جنوب الأراضي الفلسطينية خلال الليل.
وقال سمير قشطة (60 عاما) وهو من سكان رفح بجنوب غزة حيث فر الكثير من الناس “كنت أزور أختي وعندما عدت وجدت منزلي قد تعرض للقصف”.
“هل منزلي يؤذي إسرائيل بأي شكل من الأشكال؟”
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قصفت العشرات من منصات إطلاق الصواريخ “الجاهزة للاستخدام” في وسط غزة، وقضت على أربعة “إرهابيين” في غارات جوية على مدينة خان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة، بالقرب من رفح.
وقال أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس، إن “أكثر من 60 شهيدا” في الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف المدفعي، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.
وأدى القصف الإسرائيلي المستمر على غزة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى مقتل ما لا يقل عن 23843 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لحصيلة محدثة نشرتها وزارة الصحة في القطاع يوم السبت.
وبدأت الحرب، التي تعهدت إسرائيل من خلالها بتدمير حماس، عندما شن المسلحون هجومهم غير المسبوق على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وفي مستشفى النجار برفح، تجمع المشيعون وصلوا حول جثث أقاربهم القتلى. وحمل أحد الرجال جثة طفل ملفوفة بقطعة قماش بيضاء قبل دفنها.
أعلنت شركة “بالتل” للاتصالات والإنترنت، اليوم الجمعة، أن خدمات الإنترنت والاتصالات انقطعت نتيجة القصف الإسرائيلي.
ونشر الهلال الأحمر الفلسطيني أن انقطاع التيار الكهربائي يزيد من التحديات أمام “الوصول إلى الجرحى والمصابين على وجه السرعة”.
وأدت الأمطار الشتوية إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة، حيث تقدر الأمم المتحدة أن 1.9 مليون شخص – أي ما يقرب من 85 بالمائة من السكان – قد شردوا. وقد لجأ الكثيرون إلى رفح وغيرها من المناطق الجنوبية.
وقالت نبيلة أبو زايد، 40 عاماً، التي تعيش الآن في خيمة بمستشفى النصر في خان يونس: “كانت ليلة قاسية وصعبة”.
وقالت لوكالة فرانس برس “لقد غمرت الأمطار خيمتنا.. أمضينا الليل واقفين مع مئات النازحين مثلنا في أروقة قسم الولادة”.
“كان الجو بارداً جداً ولم يكن لدينا ملابس أو بطانيات شتوية. جميع أطفالي مرضى”.
وقال أبو زيد: “كان هناك قصف طوال الليل”. “الى اين سنذهب؟”
– “اللاإنسانية… تفوق الفهم” –
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لوكالة فرانس برس إن إسرائيل تمنع قوافل المساعدات من الدخول إلى شمال غزة.
وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية أندريا دي دومينيكو “لقد كانوا ممنهجين للغاية في عدم السماح لنا بدعم المستشفيات”، منددا “بمستوى من اللاإنسانية… يفوق الفهم”.
وفي وسط غزة، أدى نقص الوقود إلى إغلاق المولد الرئيسي لمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة.
واتهم المتحدث باسم وزارة الصحة القدرة إسرائيل بـ”استهداف المستشفيات عمدا… لإخراجها من الخدمة”، محذرا من “تداعيات مدمرة”.
وتعرضت المستشفيات، التي يحميها القانون الإنساني الدولي، للقصف بشكل متكرر من قبل الضربات الإسرائيلية في غزة منذ اندلاع الحرب.
ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بوجود أنفاق تحت المستشفيات واستخدام المنشآت الطبية كمراكز قيادة، وهو ما تنفيه الحركة الإسلامية.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن أقل من نصف مستشفيات غزة تعمل بشكل جزئي.
وفي إسرائيل، تزايد القلق بشأن الرهائن المحتجزين في غزة مع اقترابهم من يومهم المائة في الأسر.
واحتجز مسلحون فلسطينيون في 7 تشرين الأول/أكتوبر حوالي 250 رهينة، تقول إسرائيل إن 132 منهم ما زالوا في غزة، ومن بينهم 25 على الأقل يعتقد أنهم قتلوا.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الجمعة إنه تم التفاوض على اتفاق مع قطر لإيصال الدواء للأسرى.
وأصدرت مجموعة الحملات الإسرائيلية “منتدى الرهائن والعائلات المفقودة” تقريرا هذا الأسبوع جاء فيه أن الأسرى في حالة صحية سيئة، وبعضهم يعاني من أمراض معقدة، والبعض الآخر يعاني من إصابات.
وقال دبلوماسي مطلع على المفاوضات لوكالة فرانس برس إن الجانبين أعربا عن استعدادهما للسماح بتسليم الأدوية، وقال مصدر مقرب من حماس إن المحادثات مستمرة.
– “يجب أن نعيش” –
وانتقدت إسرائيل مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لعدم تكرار دعواته للإفراج عن الرهائن في بيان بمناسبة مرور 100 يوم على الصراع.
وقالت بعثتها في جنيف “إن الدعوة إلى وقف إطلاق النار دون المطالبة بالإفراج عن رهائننا ونزع سلاح حماس هي دعوة لانتصار الإرهاب”.
ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فولكر تورك، مراراً وتكراراً إلى إطلاق سراح الرهائن.
الحرب المستعرة لم تمنع الزوجين أفنان جبريل ومصطفى شملخ من غزة من عقد قرانهما في رفح.
وقال أيمن شملخ عم العريس لوكالة فرانس برس إن “المنزل الذي كان من المفترض أن يعيش فيه العريس دمر”.
“نحن جميعا نعيش نفس المأساة. ومع ذلك، يجب أن نستمر في العيش، ويجب أن تستمر الحياة.”
وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات الإسرائيلية قتلت ثلاثة نشطاء في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، حيث تصاعد العنف خلال الحرب بين إسرائيل وحماس، بعد أن هاجموا مستوطنة يهودية.
واضافت انه حدث “تسلل ارهابي” في مستوطنة ادورا الواقعة على بعد نحو 20 كيلومترا غرب الخليل وان جنودا تعرضوا لاطلاق النار.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا إن القتلى الثلاثة هم شاب يبلغ من العمر 19 عامًا واثنان يبلغان من العمر 16 عامًا.
استمعت محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع إلى المرافعات في قضية رفعتها جنوب أفريقيا، تتهم فيها إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالإبادة الجماعية بشأن حرب غزة.
ورفضت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة القضية ووصفتها بأنها لا أساس لها ومن المرجح أن تصدر المحكمة حكما مبدئيا في غضون أسابيع.
بور-عامي/ذلك
